بقلم الكاتب كمال الزغباني
رسالة مفتوحة إلى الصديق كمال الرياحي، مدير “بيت تونس للرواية”
أمّا وإنّ الستار قد أسدل على الملتقى الأوّل للرواية العربية، فإنّه يحقّ لي وعليّ تهنئتك بهذا النجاح الباهر الذي حقّقته.
تعلم جيّدا، كما يعلم كلّ من يعرفني، أنّي في العادة أكثر الناس شحّا بعبارات الإطراء والمجاملة. لكنّي أيضا ممّن يقدّرون العمل الصادق والمتقن حقّ قدره.
لقد تمكّنت يا كمال في ظرف وجيز جدّا، منذ الإعلان رسميّا عن تأسيس بيت تونس للرواية، من إنجاز ما عجزت عنه عديد المرّات مهرجانات دوليّة عريقة تشتغل فيها غالب الأحيان جيوش عرمرم من عديمي الكفاءة والمتمعّشين والطفيليّين. وهذا بفضل حنكتك وبفضل اختيارك فريقا مصغّرا ومتجانسا ممّن يؤمنون بما تؤمن به وممّن لهم المقدرة على المضيّ فيه إلى الأقصى.
ليس سهلا مطلقا أن تجمع في تونس 15 عشر روائيّا عربيّا مرموقا وأن تحتفي بهم وتمكّن جمهور القرّاء من التفاعل معهم مباشرة ضمن حوارات مفتوحة ولقاءات مثرية.
وليس متاحا لأيّ كان أن يجمع كلّ ذلك العدد من الروائيين التونسيّين ويمكّنهم من التفاعل فيما بينهم ومع قرّائهم.
ثمّة طبعا نقائص مرتبطة بكونها التجربة الأولى من هذا النوع (شيء من الضبابية في الورقة الأوّليّة التي تشرح موضوع الملتقى وإشكاليّاته الفرعية، محدوديّة الوقت المتاح لكلّ متدخّل وللمتحاورين معه، بعض التغييرات الفجئيّة في البرنامج الأوّلي…) وهي مسائل أعرف جيّدا أنّك قادر، بمعيّة الفريق الذي معك وبالتشاور مع من ترى فيهم أهليّة لذلك، على تلافيها في الدورة المقبلة وفي الدورات التي ستليها. وكذلك خلال مختلف الأنشطة والمخابر والورشات التي لا شكّ أنّك ستبعثها على مدى السنة بحيث تكون كلّ دورة نوعا من التتويج لها.
أمّا عن “الغاضبين” من الروائيّين التونسيّين الذين لم يكن يمكنك دعوتهم (وهو أمر ممتنع أصلا من الجهة الموضوعية) فأنا متأكّد أنّه لديك من الأريحيّة ومن رحابة الصدر ما يجعلك تتعامل معهم على نحو يجعلهم يقبلون ذلك ويتحمّسون (إن كانوا صادقين مع أنفسهم) لكلّ الأنشطة التي ستبرمجها مستقبلا.
أخيرا، كلّ التحايا الصادقة لك ولكلّ من عمل معك على اقتراف هذا الفعل الإبداعي الجميل الذي يطمئنني على أنّ في هاذي البلاد، أحيانا، ما يستحقّ الحياة”.